" من كتاباتي الشخصيه "
" لمحة تاريخية عن شاعرات العرب في العصر الجاهلي و حتى ظهور الدولة الإسلامية "
-ما يتفق عليه المؤرخون أن العرب قديما من أمم الفطرة , فلم يكن لديهم وسائل للتعليم و لم تنتشر عندهم
مدارس أو مراكز علمية , حتى الكتابة و القراءة كانت محدودة وتنحصر في فئة قليلة جدا من أبناءهم .
و لأن موطنهم الأول كان في الصحراء قل احتكاكهم بالأمم الأخرى , و انطوى العرب في صحراءهم على
أنفسهم و انتشرت فيما بينهم وحدهم ثقافة فريدة من نوعها لم تعرفها أيا من الأمم الأخرى و هي ( ثقافة الشعر )
فقد طوروا لغتهم و حسنوا ألفاظها و معانيها إلى أبلغ درجة حتى ظهرت في اللغة العربية إبداعات في
الألفاظ و المعاني , و كذلك كان شعرهم كمالا في اللغة .
كان كل عربي في الجاهلية قادراً على سماع الشعر و فهمه و حفظه و روايته , و قادراً على قوله قليلا أو كثيرا.
كانت هذه هي الثقافة المتاحة و المحبوبة لدى العرب و أجادوا صياغتها و ضبطها و كثرت أنواعها و تعددت
معانيها و أصبح الشعر - خبز العرب اليومي -لا تحلو بدونه حياتهم .
و عندما نقول العرب جميعا , فهذا يعني كبارهم و صغارهم , أشرافهم و صعاليكهم , رجالهم و نسائهم . فالطبع
العربي واحد , و اللغة متفق عليها بين العرب بشتى قبائلهم و أفرادهم و لا يختلف الشعراء من الجنسين
( الرجال و النساء ) إلا في براعة الشعر و حبكه و ربطه و صحة الإبداع فيه .
و بالواقع أن الشعر النسائي - إن صح التعبير - قليل جدا بل ونادر أيضا و إن الشاعرات اللواتي وصلت
أعمالهن لنا معدودات للغاية , و لهذا أسبابا عديدة :
كانت العرب تعتبر الشاعر لسانها السياسي بين القبائل و هو كذلك الأسد المفترس الذي ينهش بأظافره أجساد
خصومهم و لذلك سمي الشعراء ( في العصر الجاهلي - أظافر العشيرة ) و لأن النساء لا تصلح أبدا أن تكون
ظفرا و لا نابا , كان هذا سببا مباشرا في تراجع الشعر النسائي .
و لعل أهم هذه الأسباب هو ما يتصل بطبيعة النساء , فالمرأة في العصر الجاهلي ( حصرا ) هي جزء من
مجتمع السيوف , فهي إما محمية بالسيف أو مسبية به , حتى أنها لا تلد إلا قاتلا أو مقتولا بالنظر إلى المجتمع
الجاهلي الذي كان يعيش بين السبي و السبي المضاد و القتل و الثأر .
ولهذا و ذاك نرى أن الشاعرات قد اختص شعرهن بالرثاء أولا ثم بالشعر التحريضي الذي يثير نخوة الرجال
و يحضهم على القتال و الاستماتة بالحرب , و طلب الثأر من خصومهم , و قد برز من الشاعرات (( الخنساء -
و ليلى الأخيلية ) أما الخنساء فرغم أنها كانت مقلة في شعرها إلا أن فجيعتها بموت أخويها - صخر و معاوية -
فجرت نبوغها فأجادت و أطالت و كانت تبكي و تقول ( أنا أعظم العرب مصيبة ) حتى دارت أشعارها على
ألسنة العرب و لم يأت من شعر النساء إلينا أفحل و لا أجزل من شعرها , و كأنها بفقد رجالها قد أصبحت رجلا .
و الجدير بالذكر أن ما تقوله المرأة في لوعتها و حزنها و فجيعتها , لا يحسن الرجل قوله أو التعبير عنه مهما
تكلف أو تصنع في ذلك .
أما شعر الغزل عند شاعرات العرب في الجاهلية و حتى في صدر الإسلام فقد كان نادرا بسبب مكانة المرأة
عند قومها و شدة غيرتهم عليها . و قد بدأ ظهور هذا النوع من الشعر في العصر العباسي على يد الشاعرات
الأقيان ( الجواري ) و لعل أشهرهن هي الشاعرة ( فضل ) جارية المتوكل .
و أخيرا فإنه لم يصلنا من شعر النساء العرب إلا القليل و النادر رغم أنه سمع عن أبي نواس قوله :
" ما قلت شعرا حتى رويت لستين امرأة منهن الخنساء و ليلى "
و قول أبي تمام : " لم أنظم شعرا حتى حفظت سبعة عشر ديوانا للنساء خاصة "
و الغريب أنه لم يصل إلينا و لا ديوان واحد من هذه الدواوين , إلا ما جمع للخنساء من مقاطع و قصائد
وهي ليست ديوانها بأي حال .
*****
ملاحظة : هذا سرد تاريخي محض , و لذلك لم نورد نماذج من الشعر , و من أراد معرفة المزيد عليه
الرجوع لكتاب أشعار النساء ( للمرزباني ) و كتاب الأغاني للأصفهاني .
" لمحة تاريخية عن شاعرات العرب في العصر الجاهلي و حتى ظهور الدولة الإسلامية "
-ما يتفق عليه المؤرخون أن العرب قديما من أمم الفطرة , فلم يكن لديهم وسائل للتعليم و لم تنتشر عندهم
مدارس أو مراكز علمية , حتى الكتابة و القراءة كانت محدودة وتنحصر في فئة قليلة جدا من أبناءهم .
و لأن موطنهم الأول كان في الصحراء قل احتكاكهم بالأمم الأخرى , و انطوى العرب في صحراءهم على
أنفسهم و انتشرت فيما بينهم وحدهم ثقافة فريدة من نوعها لم تعرفها أيا من الأمم الأخرى و هي ( ثقافة الشعر )
فقد طوروا لغتهم و حسنوا ألفاظها و معانيها إلى أبلغ درجة حتى ظهرت في اللغة العربية إبداعات في
الألفاظ و المعاني , و كذلك كان شعرهم كمالا في اللغة .
كان كل عربي في الجاهلية قادراً على سماع الشعر و فهمه و حفظه و روايته , و قادراً على قوله قليلا أو كثيرا.
كانت هذه هي الثقافة المتاحة و المحبوبة لدى العرب و أجادوا صياغتها و ضبطها و كثرت أنواعها و تعددت
معانيها و أصبح الشعر - خبز العرب اليومي -لا تحلو بدونه حياتهم .
و عندما نقول العرب جميعا , فهذا يعني كبارهم و صغارهم , أشرافهم و صعاليكهم , رجالهم و نسائهم . فالطبع
العربي واحد , و اللغة متفق عليها بين العرب بشتى قبائلهم و أفرادهم و لا يختلف الشعراء من الجنسين
( الرجال و النساء ) إلا في براعة الشعر و حبكه و ربطه و صحة الإبداع فيه .
و بالواقع أن الشعر النسائي - إن صح التعبير - قليل جدا بل ونادر أيضا و إن الشاعرات اللواتي وصلت
أعمالهن لنا معدودات للغاية , و لهذا أسبابا عديدة :
كانت العرب تعتبر الشاعر لسانها السياسي بين القبائل و هو كذلك الأسد المفترس الذي ينهش بأظافره أجساد
خصومهم و لذلك سمي الشعراء ( في العصر الجاهلي - أظافر العشيرة ) و لأن النساء لا تصلح أبدا أن تكون
ظفرا و لا نابا , كان هذا سببا مباشرا في تراجع الشعر النسائي .
و لعل أهم هذه الأسباب هو ما يتصل بطبيعة النساء , فالمرأة في العصر الجاهلي ( حصرا ) هي جزء من
مجتمع السيوف , فهي إما محمية بالسيف أو مسبية به , حتى أنها لا تلد إلا قاتلا أو مقتولا بالنظر إلى المجتمع
الجاهلي الذي كان يعيش بين السبي و السبي المضاد و القتل و الثأر .
ولهذا و ذاك نرى أن الشاعرات قد اختص شعرهن بالرثاء أولا ثم بالشعر التحريضي الذي يثير نخوة الرجال
و يحضهم على القتال و الاستماتة بالحرب , و طلب الثأر من خصومهم , و قد برز من الشاعرات (( الخنساء -
و ليلى الأخيلية ) أما الخنساء فرغم أنها كانت مقلة في شعرها إلا أن فجيعتها بموت أخويها - صخر و معاوية -
فجرت نبوغها فأجادت و أطالت و كانت تبكي و تقول ( أنا أعظم العرب مصيبة ) حتى دارت أشعارها على
ألسنة العرب و لم يأت من شعر النساء إلينا أفحل و لا أجزل من شعرها , و كأنها بفقد رجالها قد أصبحت رجلا .
و الجدير بالذكر أن ما تقوله المرأة في لوعتها و حزنها و فجيعتها , لا يحسن الرجل قوله أو التعبير عنه مهما
تكلف أو تصنع في ذلك .
أما شعر الغزل عند شاعرات العرب في الجاهلية و حتى في صدر الإسلام فقد كان نادرا بسبب مكانة المرأة
عند قومها و شدة غيرتهم عليها . و قد بدأ ظهور هذا النوع من الشعر في العصر العباسي على يد الشاعرات
الأقيان ( الجواري ) و لعل أشهرهن هي الشاعرة ( فضل ) جارية المتوكل .
و أخيرا فإنه لم يصلنا من شعر النساء العرب إلا القليل و النادر رغم أنه سمع عن أبي نواس قوله :
" ما قلت شعرا حتى رويت لستين امرأة منهن الخنساء و ليلى "
و قول أبي تمام : " لم أنظم شعرا حتى حفظت سبعة عشر ديوانا للنساء خاصة "
و الغريب أنه لم يصل إلينا و لا ديوان واحد من هذه الدواوين , إلا ما جمع للخنساء من مقاطع و قصائد
وهي ليست ديوانها بأي حال .
*****
ملاحظة : هذا سرد تاريخي محض , و لذلك لم نورد نماذج من الشعر , و من أراد معرفة المزيد عليه
الرجوع لكتاب أشعار النساء ( للمرزباني ) و كتاب الأغاني للأصفهاني .